كلمة المدير العام

في طريق العلم يسير العبد إلى ربّه، فلا نهاية له دون لقائه، ولا تمام فيه إلا بتمام العبودية؛ إذ العلم بابٌ يُفتح على البصيرة، لا يُغلق، وفضلٌ لا يُستوعب، ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: .]76
والعلم الذي نطلبه ليس ترفًا يُستحسن، بل فريضةٌ يُستوجب تعلمها، وسبيل نجاة في الدنيا والآخرة. قال الإمام أحمد رحمه الله: “الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب، لأن الطعام والشراب يُحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين، والعلم يُحتاج إليه بعدد الأنفاس”.
ومن أعظم ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة: ماذا عمل بما عَلِم، وهل علِم ما لا يُعذر بجهله؟ قال ابن القيم رحمه الله: “الجاهل لا يُعذر في أصول الإيمان، وما لا يكون المسلم مسلمًا إلا به؛ كمعرفة الله وتوحيده وتصديق رسله”.
لهذا نُعلي في هذه المسيرة شأنَ العلم الراسخ، الذي يثمر عملاً، ويهدي سلوكًا، ويقوّم البصيرة، على منهجٍ متين، وبنيةٍ صادقة، نتدرّج فيه كما يتدرّج السالكون إلى ربهم: علماً بعد علم، وفهماً بعد فهم.
﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ]11، فالعلم درجات، والإيمان درجات، والجنة درجات، وما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض.
لسنا نطلب الإحاطة، فإن العلم لا يُستوعب، ولكن نلتمس ما به قوام الدين وصلاح النفس، وما بعده فضل يُستزاد.
نسأل الله أن يجعل هذا الجهد خالصًا، نافعًا، مباركًا، وأن يرفعنا بالعلم، ويزيدنا منه، وأن يُلهمنا العمل بما علمنا، فإنه نعم المولى ونعم الهادي.
المدير العام لمؤسسة درجات
الـدكــتــورة ميــســاء نــوري